يتناول المؤلف والباحث المعروف بسعة علمه ودأبه وإخلاصه وأمانته الأستاذ فيصل محمد خير الزراد، موضوعا من أهم الموضوعات وأعقدها في طب الأطفال، وفي حياة الأسرة والمدرسة والمجتمع على السواء، ألا وهو الاضطراب المثير الذي يستنزف الكثير من إمكانات الأهل العقلية والمادية، ومن إمكانات المعلمين والمدارس والسلطات الصحية من غير طائل أحيانا، بسبب قلة الدراية بهذا الاضطراب ومجانبة الحكمة في تدبره.
لقد شهدت الآونة الأخيرة زيادة واضحة في تشخيص هذا الاضطراب، فكان شيوعه بحدود %8 في الولايات المتحدة، و%10في انجلترا، و%12 في إيطاليا، و%13 في إسبانيا...
غير أن المؤسف أن هناك خلطا واضحا بين الاضطراب الحقيقي وبين حالات فرط الحركة الطبيعي عند الأطفال، وكذا بين حالات مرضية تترافق وفرط الحركة كما في القلق وبعض الأمراض العضوية. من هنا كان التمييز ضروريا جدا لأن الفرق كبير من حيث الإنذار والعلاج، كما يبين الكتاب. إن عدم فهم طبيعة المشكلة قد يعرض طفلا بريئا لعقاب بدني قاس دون مبرر، كما يعرضه لأدوية ذات تأثيرات غير مرغوب بها، أو على العكس يمنع طفلا مصابا من العلاج على أساس أن المسألة مسألة (شيطنة) عادية، مما يعقد المشكلة كثيرا.
وككل مرض صعب التشخيص والعلاج يبرز أمر مهم جدا اجتماعيا، ألا وهو الخضوع لسيطرة المشعوذين والدجالين ممن يدلون بدلوهم في كل أمر، يستنزفون أموال الناس بلا فائدة، إن لم ننف الضرر العظيم الذي يتعرض له الأطفال من جراء ممارسات خاطئة.
إن علاج اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه عند الأطفال ليس دواء فحسب، ولا يجب أن يكون في المقام الأول..بل هو عملية مستمرة من التعاون بين الطبيب النفسي وطبيب الأطفال والاختصاصي النفسي والاجتماعي والبيت والمدرسة، ومثل هذا التعاون مهم جدا، وإن بدا نوعا من الخيال في بلادنا، حيث يصعب تلاقي أولي الأمر، كما تهمل كثير من الرسائل والردود عليها، بين الجهات المختلفة، ضمن سلوك غير مسؤول وغير مكترث نتمنى له أن يزول من عالمنا.
إن كتاب الأستاذ الزراد يوضح كل ما توصل إليه العلم من حقائق من أجل معرفة وتشخيص وعلاج حالات فرط الحركة وقلة الانتباه عند الأطفال، كل ذلك بأسلوب علمي مبسط وموثق، ولهذا فإن كتابه القيم هذا مرجع لا يستغني عنه طبيب النفس وأي طبيب، كما لا يستغني عنه المدرسون والأسر، وكل المهتمين بشؤون الطفولة.
لتحميل الكتاب: من هنــــا